المراهقة
1. معنى المراهقة:
- المراهقة في اللغة العربية ترجع إلى الفعل العربي (راهق) الذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام، فهو مراهق؛ أي قارب الاحتلام، وهذا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد.
- أما في علم النفس فهي تشير إلى اقتراب الفرد من النضوج الجسماني والعقلي والاجتماعي والنفسي.
ويطلق مصطلح المراهقة على المرحلة التي تبتدئ بالبلوغ، وتنتهي بالرشد، أي إنها مرحلة انتقال بين الطفولة والرشد. وتتضمن هذه المرحلة إعادة تنظيم القوى النفسية والعقلية؛ لتمتلك كفاية أفضل لمواجهة حياة الرشد.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مرحلة المراهقة لا تعد مرحلة نضوج تام، بل هي مجرد مرحلة تؤدي تبعاتها وأحداثها إلى النضوج.
2. الفرق بين المراهقة والبلوغ:
ولابد من التفريق بين البلوغ والمراهقة، فالبلوغ هو تغير جسدي يدل على أن الفرد أصبح قادرًا على النسل، حيث إن البلوغ هو نضوج الغدد التناسلية واكتساب معالم جنسية جديدة تنتقل بالطفل من فترة الطفولة إلى الشباب بمعنى آخر البلوغ هو مرحلة فرعية ضمن مراحل المراهقة، وعادة يكون أولى العلامات الدالة على بداية فترة المراهقة. في حين أن المراهقة أوسع من ذلك؛ فهي تغيرات جسدية وعقلية وعاطفية واجتماعية تشكل نسيج متشابك وبنية متفاعلة العناصر، ويتفاعل فيها الجانب العضوي مع الجانب النفسي والاجتماعي وفق ثقافة المجتمع السائدة.
هناك من يعتبر أنهما مترادفان؛ فالبلوغ يعني المراهقة، وهناك من يعتبر أن البلوغ هو العلامة المتميزة كبداية مرحلة المراهقة، ومنهم من يعتبر أن المراهقة أعم، فالبلوغ يختص بالنمو الجنسي أو النمو العضوي والجنسي، والمراهقة تشمل ما سوى ذلك.
3. مراحل المراهقة:
قام علماء علم النفس بتقسيم مرحلة المراهقة إلى ثلاثة أقسام، وذلك بسبب اختلاف فترة مرحلة المراهقة بين مجتمع وآخر. وهي:
- مرحلة المراهقة الأولى من الفترة (11 - 14) عاماً، وتتصف بتغيرات بيولوجية سريعة.
- مرحلة المراهقة الوسطى من الفترة (14 - 18) عاماً، وهنا تكتمل التغيرات البيولوجية.
- مرحلة المراهقة المتأخرة من الفترة (18 - 21) عاماً، وفي تلك المرحلة يتحول الفرد إلى إنسان راشد مظهراً وتصرفاً.
تمتد فترة المراهقة عمومًا بين سن (12 ـ 18)؛ إذ تطول هذه الفترة وتقصر باختلاف الأجناس والمجتمعات والمناخات والثقافات التي يعيش فيها المراهق، وتبدأ مراهقة البنت عادة قبل مراهقة الصبي، وهذا يعني أنه لا يمكن الحديث عن المراهق إلا بصورة عامة، أو عن طريق مراهق مرتبط بمجتمع محدد بثقافة سائدة. كما أن فترة المراهقة ليست مستقلة عن الماضي والمستقبل، فهي متداخلة مع ما قبلها وما بعدها، وهذا يعني أن خصائص مرحلة المراهقة ومشكلاتها ترتبط بخبرات الطفولة وبالنمو الحالي والمستقبلي.
تعد فترة المراهقة مرحلة انبثاق النمو الجسمي والوجداني والنضج الاجتماعي والانسلاخ عن الأطر والعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة في مرحلة الطفولة، وما التغيرات الجسمية والنفسية والاجتماعية التي تطرأ على المراهق إلا نتاج التفاعلات المختلفة التي يتعرض لها الفرد، وتستهدف تحقيق النضج والكمال في تكوين الشخصية؛ لأن المراهق لا يترك عالم الطفولة فجأة، ويصبح مراهقًا، ولكنه ينتقل انتقاًلا تدريجيًا نحو النضج.
4. علامة دخول مراحل المراهقة:
ـ النمو الجسمي/ الجسدي: تظهر قفزة سريعة في زيادة الطول والوزن، مع ملاحظة الاختلاف بين الذكور والإناث، إذ يتسع المنكبان/ الكتفان، وتنمو العضلات، ويخشن الصوت عند الذكور، في حين يتسع الوركان، ويبرز الصدر عند الإناث، كما يظهر الشعر ـ عند الجنسين ـ تحت الإبطين وفي منطقة الأعضاء التناسلية، وينتشر حب الشباب على الوجه. وعندما يطمئن المراهق إلى سلامة تكوينه الجسمي ينقلب طاووسًا يقف أمام المرآة معتزًا بجسمه وشعره وعضلاته وثيابه بالنسبة للذكور، وتميل الإناث إلى الثياب التي تبرز مفاتن جسدها.
ـ النضج الجنسي: تنضج الغدد الجنسية، وتبدأ في تأدية وظائفها، وتنمو أعضاء الجهاز التناسلي. ويتضح هذا النضوج في الإناث، بدم الحيض وبظهور العادة الشهرية ولا يشترط هنا ظهور الخصائص الجنسية الثانية مثل كبر حجم الثدي وغيرها عند الإناث، أما في الذكور فتبدأ بزيادة حجم الخصية وبدء نمو شعر العانة وإنتاج النطاف ضمن السائل المنوي والاحتلام عند الذكور.
ـ التغيرات النفسية: تترك التغيرات الجسمية والجنسية آثارًا واضحة على نفسية المراهق، إذ تسبب التغيرات الهرمونية والجسدية للفرد المراهق بعض الاضطرابات، فيبدو قلقًا، وتزداد حساسيته حيال ما على جسمه وصوته وصورته، كما يثور، ويغضب لأتفه الأسباب، ويتعرض لحالات من اليأس والحزن والتشاؤم نتيجة ما يلاقيه من إحباط بسبب التعارض بين رغباته وتقاليد المجتمع. حيث أن أول قذف منوي للذكر يرافقه بعض المشاعر السلبية والايجابية. وفي الإناث أيضاً حيث يسبب الحيض لهم بعض الانزعاج والخوف.
5. خصائص المراهقة:
خصائص المراهقة كثيرة؛ أبرزها:
ـ النمو العقلي: تنمو الوظائف العقلية نموًا واضحًا من انتباه وتذكر وتفكير وخيال... وقد ينزع المراهق إلى الهرب من واقعه ناسجًا عالمًا من الأخيلة والصور التي تحقق دوافعه، وتنفس عن انفعالاته. كما تظهر عنده القدرة على البحث والنقد والتعليل.
ـ التفكير المثالي: لا يخلو تفكير المراهق من منحى فلسفي مثالي يتجاوز فيه الواقع اليومي والحسي إلى المفاهيم العقلية المجردة والمثل العليا، فيفكر بالخير والشر والعدالة وبالوجود وأسراره، كما يفكر بالنفس وطبيعتها، وقد يعد نفسه مصلحًا اجتماعيًا.
ـ التغيرات الاجتماعية: إن فترة المراهقة فترة تغير فجائي في الجماعة التي ينتمي إليها المراهق، إذ إنه لم يعد طفًلا، ولا يريد أنُ يعامل على أنه طفل، إنه يسعى إلى الاستقلالية واتخاذ القرارات، ويلجأ إلى عالم الأقران؛ لتتوطد العلاقة معهم. كما تتصف هذه المرحلة بتبلور الوعي الاجتماعي، وتصبح القيم إحدى محركات السلوك، لذلك فإن انتماء المراهق للجماعة يقوم على مدى ما تتميز به هذه الجماعة من قيم وأهداف يوافق عليها؛ لهذا يميل إلى الانتماء إلى التنظيمات الشبابية والسياسية، ويهتم بالمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة. كما يتمنى أن يعاد تشكيل العالم وسيادة العدالة والقانون ومحو الظلم والتخلص من حالات التجاوز في البيت والمدرسة والمجتمع.
ـ التفكير بالمستقبل: يفكر المراهق بالمهنة والاستعداد لها، ويحلم بالمستقبل، ويتحدث عن الحب والتفكير بالجنس الآخر والاهتمام به والرغبة في الزواج.
6. أهم التحديات والمشاكل التي يمر بها المراهق:
- العصبية وحدة التعامل: يتوتر المراهق، ويزداد عناده وعصبيته أملاً منه في أن يحقق مطالبه، غير مكترث بمشاعر الآخرين أو طريقة تحقيق مطالبه.
- التمرد وفردية الرأي: حيث يشكو أغلب المراهقين من عدم فهم الأهل لهم، وعدم إيمانه بحق في الحياة المستقلة. لذا، يلجأ المراهق إلى التحرر من مواقف ورغبات والديه في عمليه لتأكيد نفسه وآرائه وفكره للناس. ولأن أغلب المراهقين يؤمنون بتخلف أي سلطة فوقية أو أعلى منه، فيلجاً المراهق لكسر تلك القوانين والسلطات، وبذلك تتكون لديه حالة من التمرد على كل ماهو أعلى أو أكبر.
- الصراع الداخلي: يتزايد الصراع الداخلي لدى المراهق مع دخوله وتوغله في تلك المرحلة. وتحدث تلك الصراعات بسبب الاختلاف بين حقيقة الأمور والتفكير الحالي له.
- المشاكل الجنسية والعادة السرية : حيث يعاني المراهق ازدياد شهوته الجنسية ومشاهدة الأفلام الإباحية وممارسة العادة السرية في بعض الأحيان، الأمر الذي قد يتعارض مع العديد من التقاليد الاجتماعية والقيم الدينية للمراهق، والتي في الأغلب تنظر إلى الأمور الجنسية بتحفظ شديد لدى المراهقين.
7. تظهر في مرحلة المراهقة بعض المشكلات التي تؤثر في عملية توافق المراهق مع نفسه وتكيفه مع بيئته، وأبرزها:
- قلق انفعالي يكون مصحوبًا بالحساسية الشديدة والشك فيمن يتعامل معهم الصراع بين عجز المراهق المالي في تحقيق رغباته والاستقلال عن الأسرة وبين حاجته لمساعدة الأهل.
- الصراع بين مخّلفات الطفولة ومتطلبات الشباب.
- سوء التكيف نتيجة التغيرات السريعة التي تطرأ على مجالات النمو المختلفة للمراهق.
- القيود الاجتماعية التي تفرضها بيئة المراهق وتحول بينه وبين تطلعه إلى الحرية والاستقلالية؛ ولذلك يعد كل نصيحة أو توجيه اعتراضًا لحريته واستقلاليته.
- عدم فهم الأهل لطبيعة المراهق وكيفية التعامل معه، وهذا يؤدي إلى خلخلة التوازن النفسي للمراهق، وقد ينطوي على ذاته ويميل إلى الخجل وأحلام اليقظة.
- الحكم على قيم المراهق وتصرفاته بمعايير الكبار وآرائهم وتقاليدهم دون الاهتمام بطبيعة هذه المرحلة العمرية ومتطلباتها والعصر الذي هي فيه.
- عدم قدرة المراهق على التعامل مع البيئة التي يعيش فيها، إذا كانت بيئة الأسرة والمدرسة والمجتمع لا تأبه له، ولا تعترف بنضجه وشخصيته المستقلة. ويفسر مساعدة أهله له على أنها تدخل في أموره والتقليل من شأنه؛ ولهذا يعترض على هذا التدخل بأشكال العناد والسلبية وعدم الاستقرار والاضطراب الانفعالي.
- مشكلة الفراغ ولاسيما عندما لا يكون للمراهق أهداف حقيقية تستحوذ على اهتمامه.
- أزمة الهوية التي تنشأ من عدم قدرة المراهق على فهم ذاته الجديدة وتقبلها والتعامل معها.
- الاغتراب النفسي، حيث يشعر المراهق بالانفصال النسبي عن ذاته أو مجتمعه أو كليهما.
8 - الخلاصة:
- المراهقة ومعناها التدرج نحو النضج البدني والجنسي والعقلي والانفعالي، وهي الفترة العمرية المُمتدة من سن 15 إلى 21 ، وهي فترة متقلبة وصعبة تمر على الإنسان، وتكون بمثابة الاختبار الأول له في حياته الممتدة. حيث أن مستقبل الإنسان وحضارة الأمم تتأثر كثيرًا بمراهقة أفرادها.
- ينظر بعضهم إلى فترة المراهقة بأنها واحدة من أكثر مراحل الحياة صعوبة وتأزمًا، وهي كالعاصفة العاتية التي تهز المراهق هزًا عنيفًا، ويعيش في أثنائها حالة من القلق والاضطراب والاكتئاب والحيرة، كما يتعرض بعض المراهقين إلى صدمات نفسية وأخلاقية وصراعات ومشكلات متنوعة، ويتسببون في إحراجات عديدة لأسرهم ومدارسهم.
- إن المراهق ليس مشكًلا، وإنما يعيش ـ في غالب الأحيان ـ في بيئة مشكلة، فمشكلات المراهق ليست سوى أزمة نفسية من خصائص مرحلة عمرية معينة يتم تجاوزها بمجرد تخطيها، ويمر فيها جميع البشر، وهذه الأزمة ليست استجابة لتغييرات داخل الفرد نفسه فقط؛ وإنما هي نتيجة لاستجابة المجتمع الذي يعيش فيه أيضًا.
ولهذا فإن المرحلة طبيعية في حياة الإنسان ولا تتطّلب بالضرورة مظاهر التوتر ولهذا فإن المراهقة مرحلة طبيعية في حياة الإنسان ولا تتطّلب بالضرورة مظاهر التوتر أو الانحراف إذا استطاع المربون ولاسيما الأهل التعامل مع المراهق بموضوعية وفي جو آمن ينال فيه الحب والفهم والاحترام وإثبات الذات.
هناك قاعدة تربوية عظيمة في مرحلة المراهقة في كلمات قصيره عن تربية الأبناء والبنات في مرحلة المراهقة تُعتبر جامعه وشامله ومُختصرة يقول أحد السلف: لاعبوا أبناءكم سبعاً ، وعلّموهم سبعاً ، وصاحبوهم سبعاً.
|
المراجع:
- موقع الموسوعة العربية.
- موقع ويكيبيديا الموسوعة العربية الحرة.
تم اعداد هذه الورقات للمشاركة في يوم دراسي بعنوان مهارات تنشيط الفصل الدراسي واستيعاب المراهق (ة). مساء يوم السبت 30 أبريل 2016.
بقلم: امصنصف كريم.
- مكون في الصحة النفسية للطفل والمراهق في منصة ادراك سنة 2016.
- مكون في أسس التربية السليمة للطفل والمراهق في منصة ادراك سنة 2016.